الأربعاء، 7 مارس 2012

أبسط الحاجات بتفرق

شعب مصر عامل زي الطفل اللي بيرسم من صغره, لما تلاقيه واكل شوكولاته و مزاجه حلو, يرسملك بيت بسيط و سما صافية و أرض خضرا و اتنين واقفين و مبسوطين. لكن لما بيبقى مضروب و زهقان و محروم من الشوكولاته يرسملك شارع رمادي و سما مغيمة و و وش زعلان.
     طبعا انت فاكرني بخرف. لأ. ركز بس معايا للآخر. فاكرين اليوم اللي بعد تنحي مبارك؟ الشعب ماكنش مصدق نفسه من الفرحة لدرجة إن تقريبا شباب مصر كلهم نزلوا نضفوا الشوارع و دهنوا الرصيف و علقوا صناديق زبالة على عواميد النور. لكن بعد ما المجازر و المصايب ابتدت تزيد تاني, ابتدت الشوارع تتوسخ تاني و تبقى أسوأ من الأول.
     طب هو الناس عملوا كده ليه؟ هل عشان دي حاجة مفروضة عليهم؟ و لا عشان كانت الحالة المزاجية ليهم تسمح بأنهم يتعبوا شوية و ينضفوا الشارع؟ ولا عشان لما مبارك اتنحى عرفوا ان شركة الزبالة هتقعد منفضة ليهم فترة؟ الشعب كان ساعتها مبسوط بحدث تاريخي و كان مستعد يعمل أي حاجة عشان يخلي شكل البلد أحسن. و ساعتها برضه كان الشعب كله مش متفرق و كان كل الناس سواء.
    مع تطورات الأحداث و البلاوي اللي بتحصل في مصر (بغض النظر مين السبب فيها) ابتدت المشاكل العرقية و الدينية والطبقية تزيد. و الخناقات في مصر رجعت تاني. و الوش اللي كان مبتسم أيام الثورة بقى وش لما تشوفه تبقى عايز تتف عليه من كتر ما هو مقرف و كئيب.
    اللي عايز أوصله من الرغي ده هو إن الحالة المعنوية للناس هي اللي بتخلي الدنيا حلوة. و أبسط دليل على كده هو إن أمي و أمك لما بيكون مزاجهم رايق و في أول الشهر بيعملوا غدوة تاكل صوابعك وراها. لكن في آخر الشهر لما الديون بتكتر و الفواتير تتأخر, تلاقي أمي و أمك عاملين وجبة ماتتاكلش أصلا.
     بس الموضوع ده محلول, ليه بنعتمد على الحكومة في إنها تحل كل مشاكلنا؟ ليه لما نبقي عايزين نفوق من مشكلة نشتكي للحكومة و نقول يسقط الوزير؟ ما هو بالشكل ده عمر المشاكل ما هتتحل و عمر ما الوش المبتسم في كراسة الطفل هتترسم تاني. المشاكل اليومية اللي بنتعايش معاها ممكن نحلها بكل سهولة و بساطة.
  خد عندك: جارك اللي مبتطيقش تبص في وشه و آخرك بترد السلام عليه و خلاص ممكن يبقى من أقرب صحابك. هقولك إزاي. لو كل يوم حد فيكم ركب مع جاره العربية الصبح و انتو رايحين الشغل, هتتعرفوا على بعض أكتر. و هتعرف صاحب زيادة ممكن ينقذك في وقت زنقة و يواسيك و يخدمك في المحنة. و في نفس الوقت لما تكبر و عيالك يتجوزوا هتلاقي واحد قريب منك على طول يسأل عليك و يآنس وحدتك.
خد دي كمان: تخيل لو كل مواطن في مصر بيدفع جنيه في الشهر عشان تحسين المظهر الجمالي للدولة. باستثناء الطبقة الفقيرة في مصر تقدر تقول إنه في 40 مليون جنيه هيكونوا تحت إيد الشعب شهريا, يشغلوا بيها عمدان النور البايظة اللي على الدائري و يزرعوا شجر يحجب التراب و يشتروا صناديق زبالة في كل شارع. في خلال ست شهور هتلاقي شوارع مصر كلها نضفت و هتلاقي شباب كل حي مترابطين جدا و عارفين بعض كويس و بكده هتكون نضفت الشارع بتاعك و في نفس الوقت زودت العلاقات الاجتماعية بين الشباب.
خد كمان: اتضح إن المستهلك الأساسي للشوكولاتة هو الست عشان الشوكولاتة بتعالج الاكتئاب, لو بعد كل أسبوع من الشغل المتعب في المصالح الحكومية المدير دفع جنيه و ربع لكل موظفة و جابلهم بيها شوكولاتة, هتلاقي الستات المكشرين في المصالح وشهم فرد و هتلاقيهم بيراعوا ضميرهم في الشغل إلى حد ما و هيريحوا الزباين اللي بيخلصوا مصالحهم. بكده هتكون زودت انتاجية الموظفات في المصلحة و هتريح زباينك أكتر و نشرت الراحة النفسية بين موظفين المصلحة. غير أنك هتكون ساعدت في علاج مرض الاكتئاب عند خمس ستات على الأقل. ده طبعا غير إن كل ست من دول هتطبق نظريتك دي مع ناس تانية ففي يوم هتلاقي مديرك بيجيبلك شوكولاتة و بيبتسم في وشك.  بس استنضف وانت بتشتري شوكولاتة.
ايه كمان: الموضوع ده يخص خطاب الجمعة في الجوامع, بدل ما تستهزأ بالشباب اللي بيقفوا على الناصية و تكرههم في عيشتهم, ساعدهم في دروسهم اللي بيذاكروها في المدارس و خلي اللي ييجي الجامع بانتظام ياخد أي حافز (شوكولاتة ممكن و ماتقوليش حرام) حاول تحبب الشباب في الجامع و تبتسملهم على طول (و لو كنت فظا غليظ القلب لإنفضوا من حولك). حاول تتعلم من إخواننا المسيحيين اللي بيحببوا الشباب في الكنيسة. و اللي بيغلط عندهم بيروح يعترف للقسيس و القسيس بيسمعله باهتمام و يحاول يساعده عشان يتوب. دايما تلاقي الكنيسة هي اللي بتساعد الشباب المسيحيين على الجواز و الشغل و السفر و التعليم. عشان كده تلاقي علاقاتهم الاجتماعية أحسن مننا بكتير. يا ريت ألاقي جامع في مصر بيعمل كده.
    ببساطة, كل حاجة بسيطة بتعملها و كل كلمة حلوة بتقولها لبني آدم تاني بتخليه أحسن و أكثر انتاجية. و كل شتيمة بتشتمها أو كل تكشيرة بتكشرها في وش حد بتسد نفسه عن الشغل و في الآخر هتيجي عليك بإنك تشوف حاجة وحشة في حياتك. المقشة و الجاروف مش هما الأداة الأساسية في إن الشارع بتاعك ينضف. و كلورتس مش هو اللي بيخلي الناس ترتاحلك و انت بتتكلم. و الجل مش هو اللي هيخلي البنت تعجب بشخصيتك. و التخويف مش هو اللي هيخلي الشباب يحبوا الصلاة.
     بالعقل.....مش عربية نقل!!!!! 
                                                                السير فيروتشي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق